Thursday, August 28, 2008

ماذا عن حرية التعبير !؟ / 2

الشاعر الباحث أ.عقيل يوسف عيدان ، قدّم الندوة
الروائية/ ميس خالد العثمان، قرأت كلمتها حول حال المبدعين في الكويت

القاص/الفوتوغرافي يوسف خليفة ، مطالبا بالحرية عبر السرد القصصي المتميّز
شعار الندوة الجماهيرية

مبدعون كويتيون يتساءلون: ماذا عن حرية التعبير؟
أميرة القصير/صحيفة أوان الكويتية

هناك منسي في كتابات ومطالبات وأفكار الذين انبروا لـ «خنق» او محاصرة حرية التعبير في الكويت، وهذا المنسي هو الإعلان العالمي لحقوق الانسان والمادة 19 منه تحديدا والتي تقول: «لكل شخص حق التمتع بحرية الرأي والتعبير، ويشمل هذا الحق حريته في اعتناق الآراء من دون مضايقة، وفي التماس الأنباء والأفكار وتلقيها ونقلها الى الآخرين، بأية وسيلة ودونما اعتبار للحدود».
بهذه الكلمات بدأ الشاعر عقيل عيدان ندوة تجمع «مبدعون كويتيون» التي نظمت مساء أول من أمس في جمعية المحامين الكويتية وحملت عنوان «ماذا عن حرية التعبير؟!» وتحدث فيها أستاذ علم الاجتماع بجامعة الكويت. د.علي الزعبي، عبدالمحسن مظفر من جمعية حقوق الإنسان، النائب محمد العبد الجادر، د.ابتهال الخطيب، والأدباء محمد المغربي، يوسف خليفة وميس العثمان والذين رأوا في المقبل الملامح التي لاتبشر بالخير من مشهد سياسي تزداد فيه الأزمات التي يزرعها البعض كالشوك الذي يخز المجتمع ويتطاول على الدستور، ومطالبة بوقفة جادة للحد من ذلك لما فيه من ضرر للوطن والمواطن وكل من يعيش على أرض كانت مرتع الديمقراطية وحرية الكلمة.
وقال العيدان مشيرا إلى هذه الإشكالية: «بما يكمن اشكال التضييق تضييقا شديدا على حرية التعبير فعلا في انتماء المجتمعات العربية، الاسلامية -ومنها الكويتي- الى زمنين في الوقت نفسه، زمن العولمة والمكاسب المدنية والاعلان العالمي لحقوق الانسان، وزمن مصادرة الفكر وتسليط حكم التجديف أو الكفر!»
وأردف أن «هذه المجتمعات تريد أن تستعمل مبادئ الزمن الديمقراطي كالحوار مثلا، لجر البشرية الى الزمن اللاهوتي المظلم وتكميم الافواه، ومصادرة الآراء الفكرية، والتعبيرات الفنية. ولتصدير بؤسنا المدني والفكري الى كل العالم
».
د.علي الزعبي بدأ من جهته متسائلا: «هل أصبح الكلام محرما كما قال الشاعر معروف الرصافي في إحدى قصائده؟» معتبرا أن السؤال «ماذا عن حرية التعبير؟» يحمل الكثير من التعقيد في فترة تحولت فيها دولة الكويت من دولة مدنية إلى دولة هجين،حيث تعيش مشكلة مابين ظل التطورات والتكنولوجيا ووسائل الإعلام التي تفتح الآفاق أمام الجميع وبين الموروث القديم، حينها تتخبط التنمية وتنعدم حالة الوعي، لتفرز حالة حرية وديمقراطية لن تتحقق في هذه الأجواء.
ورأى في التعليم شرطا من شروط التطور في المجتمع المدني ويدعم تغيير المناهج هذه الخطوة وفي المجتمع الهجين قد لا تتحقق هذه الشروط لخطورة المزج الشعبي، وتناول العديد من القرارات السلبية التي صدرت من مجلس الأمة والتي تؤثر على المجتمع وطريقة تفكيره بشكل سلبي وخطير وخصوصا الأفراد الذين يتأثرون بمثل تلك القرارات، مقارنة بالمجتمع الأميركي الذي كان أقوى تجمع ضد العولمة في حين خرجت ظاهرتها من الولايات الأميركية نفسها. لأنها تسحب دولة الرفاه.
ولفت د.الزعبي إلى أن هناك حالة غسل مخ للأفراد ولابد أن يكون أي قرار يخص المجتمع صادرا من جهات متخصصة وواعية لأي ظاهرة بشكل علمي واجتماعي مدروس بعيدا عن التدخل بالحريات العامة وخصوصيات الناس وكسر الخصوصية لأنها من المقدسات التي لاتمس
.
بدوره أكد النائب محمد العبدالجادر أن الحرية قيمة كبيرة وديمومة وليست لحظات عابرة، وفي مجلس الأمة هناك صوت دائم من أجل الحرية والدفاع عنها في وقت كفل فيه الدستور الكويتي كل الحقوق في حرية التعبير.
ورأى في عدم فهم البعض لمفهوم الحرية في السلطة التنفيذية المشكلة الكبيرة ومن هنا تكون ردود الفعل قاسية لأن تقييد الحريات لايقبله احد في وقت على الجميع أن يتعلم قيم التسامح والمصالحة مع الاخر وعدم التدخل بالخصوصيات واثارتها اعلاميا بشكل محرض. مشددا على ضرورة رفع الصوت عاليا ضد كل من يحاول تقييد الحريات وتجاوز الدستور وقوانينه.
من جانبه دعا ممثل جمعية حقوق الانسان عبد المحسن مظفر الى حماية كل الحريات وممارستها، ويشمل ذلك ليس المواطنين وحدهم بل المقيمين أيضا، لان الحريات للإنسان ولا تفريق فيها بين الجنسيات، وليس من حق انسان حرمان أخيه الانسان من حقوقه
.
حياة خالية
بدأت القاصة ميس العثمان بمقولة للفيلسوف سقراط والتي يقول فيها «حياة خالية من التحديات، حياة يجب ألا نحياها».
ورأت أن حرية التعبير عن الرأي، هي الحرية في عرض الاراء والافكار والتوجهات عن طريق الكتابة او الكلام او من خلال عمل فني مهما كان شكله، دون رقابة او تسلط او قيود او مصادرة من «سلطة ما»..
وقالت : لربما سنظل ندين بالعرفان لمن سبقونا قهرا وتصورا انسانيا، اذ فتحوا الطريق نحو الحرية، ونحو الحياة بتفاصيلها ونحو التقدم الذي ننعم به، فبدايات «حرية التعبير» تعود للقرون الوسطى، وتحديدا في انجلترا العام 1689 حينما اصدر البرلمان البريطاني قانون «حرية الكلام في البرلمان» وبعد عقود من الصراع في فرنسا تم اعلان حقوق الانسان والمواطن في العام 1789 عقب الثورة الفرنسية، وقد نص هذا القانون على: «ان حرية الرأي والتعبير جزء اساسي من حقوق المواطن».
ولفتت إلى المطالبة «الاصولية» بمنع تدريس مادة الفلسفة في المدارس الثانوية كخطوة اولى «اذ سيتمدد الاقتراح ليشمل ما هو اعلى من ذلك» ويجدر بي الاشارة الى ان الفيلسوف البريطاني Jhn Stuart Mil 1806 - 1873 هو من اوائل الداعين الى حرية التعبير عن الرأي مهما كان هذا الرأي غير اخلاقي في نظر البعض حيث قال: «اذا كان كل البشر يمتلكون رأيا واحداً، وكان هناك شخص واحد فقط يمتلك رأيا مخالفا، فان اسكات هذا الشخص الوحيد لا يختلف عن قيامه بإسكات كل بني البشر اذا توفرت له القوة».
وأكدت أن هذا يتنافى تماماً مع التسلط او مع احادية الفكر او الانصراف عن التعددية واختلاف الرأي، مما يمارس ضدنا كمواطنين مختلفين في الكويت، اذ تسعى فئة واحدة لحكم قبضتها على كل مناحي الحياة في الكويت بدءا من حرية الاعتقاد الديني، وحرية اختيار التعليم المشترك، وحرية الابداع بكل اشكاله مرورا بحرية القراءة والتفكر والسؤال، وانتهاء بحرية الآخر في رفض مساعيهم المتسلطة!
وأضافت العثمان: «في الوقت الذي ندعو فيه الى مجتمع مدني مبني على الاختيار والتعددية الفكرية، وبالتالي الحرية التي ترتفع معها المسؤولية، يظهر لنا من يرى ان مطالبنا هذه انما تدعو الى «التفلت» و «الانحلال»، بينما تأتي الحرية لتتزامن بالمعنى مع السؤال والبحث والابداع والتنوير والتغيير. فالقيود -أيا كان واضعها- ليست سوى «سلاح» يتخفى تحت اي ستار يشل المقيدين ويحول دون الانطلاق بالفكر والتجريب والاشتباك مع الاسئلة ومع الخلق والنهوض من ببين ركام البعيد، وبالتالي يطمئن المتسلطون لبقاء الانسان في كنفهم وكهفهم المظلم
اعتبرت د.ابتهال الخطيب أن التجمع لحضور مثل هذه الندوة يؤكد اهتماما حقيقيا وشعورا كبيرا بالخطر المقبل على حرياتنا.
وتلت على الحضور 3 توصيات من مجموعة «مبدعون كويتيون» مؤكدة قبل قراءتها أن الحرية تبنى على ثقافة قبول الاخرين، وتقبل فكرة الاختلاف بحد ذاتها مع تمسك كل منا تماما بمبادئه وفكره ومعتقده،
وقالت إن مبدأ «أنا على صواب يحتمل الخطأ » هو مبدأ رائع، انساني جداً، ولكن من الصعب على الكثير منا مواربة الباب على افكاره ومعتقداته ومحاولة اعادة النظر فيها او حتى تقبل فكرة انها قد لا تكون صواباً او تحتمل الخطأ فهذا التفكير على عمقه وجماله غير مطلوب من الجميع.
وأردفت: « نحن لا ندعو إلى إعادة بناء النفسية الانسانية في مجتمعناً ولكن المطلوب هو بجانب الايمان التام بالمبادئ والعادات والمعتقدات ان نتذكر كذلك ان غيرنا، المختلف عنا يملك ذات الايمانيات يعيش بذات اليقين يشعر بذات الالتزام اننا كبشر جميعاً نتمسك بقناعاتنا، ندافع عنها».
وتابعت د.ابتهال الخطيب: «قلة منا يستطيعون ان يلتزموا الحياد التام في افكارهم وان يقيمو آراء غيرهم موضوعياً وبموازاة افكارهم، نحن هنا اليوم لنؤكد ضرورة التقبل، فقط ان نذكر انفسنا باستمرار بان غيرنا المختلف عنا بافكاره ومعتقداته متشابه معنا تماما في ايمانه بصحة موقفه وسلامة معتقده، ومثل الكثر منا تماما على استعداد لأن يضحى حتى بنفسه في سبيل افكاره الحل الوحيد للتعايش هو التسامي وترك فسحة للآخرين للتعبير عن آرائهم وممارسة معتقداتهم وإيمانياتهم أيا كانت».
وأكدت أن الحرية أغلى ما يملك الانسان، لها طعم العسل، تحمل احتراما للآخرين، احتراما لاختلافاتهم، ولا تأتي دون ثمن.
وكانت توصيات «مبدعون كويتيون» تعزيزا للحرية كمبدأ وإلغاء الرقابة والمنع جزءا أصيلا من تحقيق الحرية بمجملها، فضلا عن التأكيد على «الحرية» المسؤولية تحت مظلة القوانين الدستورية وحقوق الانسان، التأكيد على حماية المبدع الكويتي وتأمين حياته وكرامته وإبداعه وتعزيز فكرة التسامح وقبول الرأي الآخر
..

No comments: