«مبدعون كويتيون»: حرية التعبير لها طعم العسل ولا تأتي دون ثمن
* * *
كتب المحرر الثقافي:
جريدة القبس
بتنظيم من تجمع «مبدعون كويتيون» بالتعاون مع جمعية المحامين الكويتية اقيمت على مسرح الجمعية في بنيد القار ندوة «ماذا عن حرية التعبير؟» مساء الثلاثاء الماضي اجتمع فيها الشعر والقصة وآراء سياسية واجتماعية متخصصة.في بداية الندوة، قدم محمد المغربي قصيدة بعنوان «تنويمة العقول» التي تناص فيها مع قصيدة الشاعر الكبير محمد مهدي الجواهري «تنويمة الجياع»، يقول:«نامي جياع الشعب نامي».. نامي عقول الشعب نامي،ثم نامي ثم ناميثم لا تدرين.. يا الله لا تدرين قد يمضي بنا ركب السنين الى قلاع المجد في دعة بلا قول ولا صحو وها انت التي، سبحان ربي دونهم، «حرستك آلهة الطعام».«نامي فان لم تشبعي»، من قيدهم، من كل ما اجترحوه في اعمارنا من كل اسودهم على ايامنا، يا انت لا يكفيك ظلم سافر «من يقظة فمن المنام».«نامي على زبد الوعود يداف في عسل الكلام» المستفيض الـ ملّ من افواهنا وربينا مسامعنا عليه فليس يسعفنا التخلي، نحن اهل الجود نقحم أرواحنا بمتاهة ونصيح فيها كي ننام جميعنا: «نامي تزرك عرائس الاحلام في جنح الظلام».ثم قدم عريف الحفل الكاتب عقيل عيدان المشارك التالي بعد قراءة فقرة وجيزة حث فيها على الحريات واكد على ضرورة النشاط المدني السلمي، وقدم اعتذار الكاتبة ايمان البداح عن المشاركة لظروف صحية.المشارك التالي كان الدكتور علي الزعبي الناشط السياسي والكاتب في جريدة اوان الذي قدم مجموعة اسئلة وطرح عدة نقاط حول موضوع الحرية، مستغربا التصرفات الشعبية تجاه تضييق الحريات حيث تساءل: كيف لانسان ان يفرح عندما تسلب منه حريته؟ معبرا عن اسفه الشديد لهذا الوضع قائلا: «انه دليل على خلل في الشخصية، وفي لهجة تهكم حول لجنة الظواهر السلبية تساءل ايهما اكثر سلبية نانسي عجرم ام اسامة بن لادن؟ رافضا في الوقت نفسه وصاية هذه اللجنة على ذائقة الشعب.أمر مقدس تلاه النائب محمد العبدالجادر الذي قال بأنه لبى الدعوة بكل سرعة لان امر حرية التعبير يمس كل شخص وهو امر مقدس، وفي تصريح لافت قال بأننا قبل كنا في سجال مع السلطة، لان اي سلطة من طبعها الحد من الحريات، ولكننا في الآونة الاخيرة بتنا امام جبهة اقوى من السلطة الا وهي بقية النواب الذين يحاولون فرض رؤاهم وأفكارهم على الناس بطريقة الترهيب، فنحن نحارب على اكثر من جبهة، مؤكدا عزمه على دعم الحرية بشتى المجالات وداعيا المجتمع المدني مؤسسات وافراد للتحرك في سبيل ايصال صوت الاغلبية الصامتة التي ترفض تضييق الحريات.ثم قدمت الروائية ميس العثمان في ورقة اعدتها تفاعلا حول ما اثير من رغبة لدى بعض النواب الغاء مادة الفلسفة من التدريس في المرحلة الثانوية مستشهدة بأقوال الفيلسوف البريطاني «جون ستيورت مل» هو من اوائل الداعين الى حرية التعبير عن الرأي مهما كان هذا الرأي غير اخلاقي في نظر البعض، اذ قال: «اذا كان كل البشر يمتلكون رأياً واحدا»، وكان هناك شخص واحد فقط يمتلك رأياً مخالفاً، فان اسكات هذا الشخص الوحيد لا يختلف عن قيام هذا الشخص الوحيد باسكات كل بني البشر اذا توافرت له القوة»! مؤكدة على اهمية الحرية في تقدم الدول قائلة: «فبسبب هامش الحرية الواسع، حققت كل تلك الدول العظيمة – التي سبقتنا وما زالت – رقيها وابداعها وقدمت للعالم مفكريها وكتّابها ومخترعيها، في حين لا تزال دولنا، شعوبنا المقيدة – كل بشكل ما من المصادرة - سواء بجلاديها، سلطاتها او «المجتمع بسلطته الابوية» او حتى ممن تحاصرها قوى الضغط الأصولية، لا تزال ضمن إطار التخلف والانهيار المعرفي والفكري».ثم تلاها عبدالمحسن تقي الذي أكد ضرورة زرع القيم التسامحية في الأبناء وتربيتهم على تقبل الآخر بغض النظر عن اختلافه. وقال بأنه يريد أن يوسع دائرة الندوة لتشمل كل المقيمين على أرض الكويت من مواطنين ومقيمين، مشيراً إلى أن أي دعوة للحرية لا تأخذ بعين اعتبارها نسبة المقيمين التي تفوق المواطنين هي أمر خاطئ، فالكل له الحق في الحرية تعبيراً وممارسة في حياته. ثمر قرأ قصيدة للشاعر نزار قباني في ذات المعنى.بعده القى القاص والمصور يوسف خليفة مجموعة من القصص القصيرة جداً من كتابه الأخير «أفكار عارية» الممنوع من التداول في الكويت، منها قصة بعنوان «بلا حدود» يقول فيها:
يرجى من جميع المسافرين التوجه إلى البوابة الحمراءاستغرب عند سماع النداء.. كل من يريد السفر في بلاده عليه العبور من خلال البوابة الحمراء بعكس البلاد الأخرىخلال الرحلة كسر كل القواعد.. فتح باب الطائرة.. قفز للخارجلم يسقط.. بل حلق عالياً.وقصة «صرخة» التي يقول فيها:أنا إنسانصفعة..أنا إنسان لكمة..أنا إنسان ركلة بين الساقين حيوان.. أنا .. حيوااان.
بعده اختتمت الدكتورة ابتهال الخطيب الندوة شاكرة كل الحضور وجمعية المحامين لدعمها للندوة في الوقت الذي حاربها بعض المنادين باسم الحرية، وقالت بأن «الحل الوحيد للتعايش هو التسامح وترك فسحة للآخرين للتعبير عن آرائهم وممارسة معتقداتهم وايمانياتهم أياً كانت، نحن نختلف، هذه طبيعة بشرية، ولكن لابد أن نتعايش، هذه ضرورة بشرية ودون التسامح وتقبل الآخر وتفهم أن الاختلاف جزء من تكويننا لن نعيش بسلام أبداً».ثم قرأت نقاطا مثلت توصيات الندوة وهي أولاً تعزيز الحرية كمبدأ، وإلغاء الرقابة والمنع جزء أصيل من تحقيق الحرية بمجملها. ثانياً التأكيد على الحرية المسؤولة تحت مظلة القوانين الدستورية وحقوق الانسان. ثالثا التأكيد على حماية المبدع الكويتي وتأمين حياته وكرامته وإبداعه. رابعاً تعزيز فكرة التسامح وقبول الرأي الآخر.